المادة    
  1. نصيب الماركسية من الحداثة

     المرفق    
    السؤال: قال الدكتور محمد مصطفى هداره في محاضرته القيمة في مؤسسة الملك فيصل الخيرية بـالرياض عن الحداثة، والمحاضرة هذه أعيدت مرة أخرى ثم طبعت في كتاب نحو أدب إسلامي، طبعته ووزعته أم القرى، ولعلكم قرأتموه إن شاء الله.
    يقول الدكتور محمد مصطفى هداره: والحقيقة هي أن الحداثة أخطر من ذلك بكثير، فهي اتجاه فكري أشد خطورة من اللبرالية ومن العلمانية ومن الماركسية وكل ما عرفته البشرية من اتجاهات ومذاهب هدامة، ذلك أنها تتضمن كل هذه المذاهب والاتجاهات، وهي لا تخص مجالات الإبداع الفني أو النقد الأدبي، ولكنها تعم الحياة الإنسانية في كل مجالاتها المادية والفكرية على السواء.
    السؤال: ما هو نصيب الماركسية من الحداثة، وما هو موقف الحداثيين بعد انهيار الشيوعية؟
    الجواب: هذا سؤال مهم جداً، وكنت أريد أن أتعرض له في أثناء حديثي، لكن ما قضيناه هو ساعة لا يمكن أن تستوعب الكلام عن الحداثة وإعادة البناء.
    فـالحداثة هي جزء من إعادة البناء وتعني الحداثة بالنسبة لـغورباتشوف التغلغل الأدبي داخل الغرب، أي: لا نستطيع أن نقوم بثورة حمراء، عندما كانوا يقولون: يا عمال العالم اتحدوا، لم يكن هناك عمال لكي يتحدوا، لكن الآن يتغلغل داخل أوروبا الغربية وداخل العالم عن طريق الحداثة.
    وهناك مفكر شيوعي حداثي فرنسي اسمه هنري لوفيفر له كتاب "ما الحداثة" ويقول في كتابه هذا: إن الحداثة هي ظل الثورة الغائبة هنا والناقصة هناك - ويقصد بـ(ظل الثورة الغائبة هنا) أي في باريس و(الناقصة هناك) أي في موسكو- الحداثة تريد الوصول إلى الشيوعية النهائية بأسرع مما تريده الثورة الحمراء الدموية.
    ولذلك فـالحداثة تعتمد على شيء مهم جداً -كما تعلمون- وهو العاطفة لا العقل، اقرأ أي قصيدة حداثية، وحاول أن تحللها بعقلك، إذا قلت: أن هذا مشبه وهذا مشبه به، وهذا مجاز فإنه سوف يسخر منك ويقول لك: هذا كلام سخيف، وهذا كلام غريب، وهذه كلاسيكية وهذا تقليد، لكن القصيدة الحداثية تقرؤها ولا تفهم منها شيئاً، والقصة الحداثية تقرؤها ولا تفهم منها شيئاً.
    يقول: لأننا لم نعد نخاطب القوالب العقلية الجامدة، وهذا ما يقوله الشيوعيون: إن كلام كارل ماركس ولينين كانت قواعد علمية، قواعد مقننة مقرة ذهنياً، والآن العالم لا يحتمل الفكر المقنن، العالم الآن يجري ويبحث ويلهث ووراء عاطفة، وراء خيال بعيد عن إطار العقل.
    ولهذا يقولون: إن غاية الإنسان وحقيقة الإنسان في شيئين، الأول: الحلم، والثاني: الجنون، وفرويد عبر عن ذلك بالعقل الباطن، والحداثيون يقولون: الجنون، ولهذا زعماء السيريالية في العالم والدادية والتكعيبية وكل المدارس الحداثية كلهم من مدمني المخدرات، لماذا؟
    لأن المخدرات تجعل الإنسان يفقد العقل وتجعله يعيش في أوهام الخيال.
    وهذا هو الشعر الذي كان يأتي به شعراء الحداثة كـبرايكون وأمثاله، ويأتي بشعر غامض وذلك بعد أن يحشش، وهذا الشعر غير مفهوم وتنطبق عليه صفات السريالية والحداثة.
    لكن الشعر الذي يمليه العقل يكون فيه علاقات عقلية أو ربط عقلي بين أجزائه وهذا لا يريدونه، فإذاً عملية البناء تشمل التغلغل داخل المجتمعات الغربية بهدم القوالب العقلية، سواء ما كان منها في الاتحاد السوفييتي أو في خارج الاتحاد السوفييتي، فـالحداثة موظفة توظيفاً خاصاً لأغراض البروستريكا أو إعادة البناء.
  2. البديل الذي ينادي به من يثور على الشيوعية

     المرفق    
    السؤال: لا شك أن من أسباب قيام الشيوعية ردة الفعل عند الرأسمالية، شأنها في ذلك شأن جميع المذاهب الفكرية...، إلى أن يقول: فما هو البديل الذي ينادي به الآن من يثور على الشيوعية، لا سيما أن جميع الفلسفات والنظريات قد أفلست؟
    الجواب: البديل الآن الذي ينادى به أن وظيفة الدولة ليست العقيدة، يقولون: الدولة ليست وظيفتها العقيدة -وهذا كلام مخالف لكلام كارل ماركس ولينين، الذين يقولون: وظيفة الدولة هي العقيدة- الآن وظيفة الدولة هي الرفاهية، فكل العالم الآن الشرق والغرب يبحثون عن الرفاهية، وعلماء السياسة -وبعض الإخوة في كلية الآداب يدرسون هذه النظريات- يقولون: إن الدولة الحديثة وظيفتها الأساسية تحقيق الرفاهية لشعبها، أما التركيزعلى العقيدة والتأكيد على العقيدة فهذا كلام مضى.
    فحدثت عدة حوادث أرغمت غورباتشوف على ذلك، نذكر منها حادثتين.
    الحادثة الأولى: حادثة الإشعاعات النووية التي تسربت من تشر نوبل هذه الحادثة جعلت الاتحاد السوفييتي يقف عاجزاً لا يستطيع أن يعمل مضاداً للإشعاعات؛ فاستعان بالتكنولوجيا الغربية.
    الحادثة الثانية: الزلازل التي حدثت في أرمينيا، وكان الاتحاد السوفييتي الذي ينافس أمريكا على غزو الفضاء، لم يستطع أن يأتي بحراثات لنشل الجثث ونشل الضحايا، فاستعان بالأجهزة الغربية.
    هاتان الحادثتان جعلتا غورباتشوف يعلن أننا مفلسون في التكنولوجيا، وكذلك انهيار البلد اقتصادياً واحتياجه إلى القمح واحتياجه إلى السكر.
    أحد الصحفيين العرب ذهب إلى موسكو لكي ينظر إلى ما حدث من تغيير وما هي أسبابه، فقال: لا يوجد سكر ولا قمح، ولذلك يرفع غورباتشوف شعار الرفاهية كما يرفعها بوش أو غيره.
    والبديل الآن ليس بديلاً عقائدياً وإنما هو بديل اقتصادي بحت، فالدولة التي تحقق أكبر قدر من الترفيه لشعبها هي الدولة النموذجية المثالية، هذا بالنسبة لشعبها، أما خارج شعبها فالقوة العسكرية هي الأساس، ولهذا روسيا رغم انحطاطها في كل شيء إلا أنها متفوقة جداً في مجال واحد وهو المجال العسكري.
  3. السر في انهيار الشيوعية

     المرفق    
    السؤال: ما هو السر في انهيار الشيوعية في هذا الوقت بالذات، وفي جميع البلاد الشيوعية وكأن الأمر يسير حسب خطة مسبقة؟
    الجواب: أنا ضربت للإخوة فيما سبق، مثل تمثيلية تعرض لمدة ثلاث ساعات، فانتهى الوقت وبقي من المسرحية فصلين أو ثلاثة، فقاموا بعرض الباقي باللقطات السريعة، أي فعلاً لينين غير، وبرجنيف غير، ثم قالوا: غورباتشوف يمكن ألا يثبت، ويمكن ألا يأتي زعيم آخر تتوفر فيه جميع الصفات، فبدأت الحركة سريعة جداً، وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وأطول شيء رومانيا بقيت حوالي شهر وانتهت، فهي حركات مسرحية درامية كما يعبر المسرحيون.
    فلا شك أن ذلك يسير على خطة محكمة مبيتة، فمن غير المعقول أن تكون صدفة، قالوا: الظلم، والظلم موجود من البداية، ثم يقول: اهترأت الأحزاب وتآكلت الثورة، التآكل موجود، ولكن أن تتآكل وتسقط في ظرف أسابيع متتالية فهذا مستحيل؛ إلا أن يكون بخطة محكمة مدبرة.
  4. موقف اليهود من انهيار الشيوعية

     المرفق    
    السؤال: يقول الأخ: ذكرتم في كتابكم العلمانية أن اليهود يستغلون الأحداث ولا يصنعونها، فما هو موقف اليهود من انهيار الشيوعية كما ترون؟
    الجواب: اليهود قد يصنعون بعض الأحداث، لكن من الخطأ أن نقول: إن اليهود يصنعون كل الأحداث ويسيرون كل التاريخ كما في كتاب "أحجار على رقعة الشطرنج"، لا ليس كذلك، لكن نقول: إن اليهود يستغلون أي حدث وهذا هو الواقع، فاستغل اليهود هذه الثورة وإعادة البناء بلا ريب.
    وذكرنا لكم مثالاً على ذلك وهو هجرة اليهود الروس إلى إسرائيل، وهذا بعض النماذج، وسوف تسمعون بعد ذلك الشيء الكثير، لأن الاتحاد السوفييتي كما ذكر غورباتشوف في إعادة البناء: الغرب يتهموننا بأنا متحيزون مع العرب ضد إسرائيل، ونحن أول دولة اعترفت بإسرائيل.
    وهذا في نفس كتاب إعادة البناء، فهو صادق وهو الكذوب فعلاً، أول دولة اعترفت بإسرائيل هي الاتحاد السوفييتي وهي معها، لكن اللعبة كانت أن يكون أحد الطرفين هنا والآخر هناك في التعامل مع العرب وإسرائيل، واتفقنا أن نغير اللعبة وأن نغير اللاعبين، وأحياناً لابد من تغيير اللاعبين.
  5. انتهاء الشيوعية

     المرفق    
    السؤال: هل تعتقد أن انهيار الشيوعية عالمياً في أوروبا الشرقية وروسيا يدعو إلى انهيار الشيوعية في العالم العربي، رغم اتهامهم للشيوعيين في روسيا وفي شرق أوروبا بالرجعية؟
    الجواب: في فرنسا كان يقال: (لا تكونوا ملكيين أكثر من الملك) أيام لويس الرابع عشر، فعندنا الآن شيوعيون أكثر من الروس، فلا يزال هناك في العالم الإسلامي من يقول: هذا غورباتشوف عميل للغرب، أو هدم الشيوعية وهي في أوج قوتها ويمكن أن تستمر، أي: يرى أن إعادة البناء ليس لها أي داعٍ، نعم يوجد هذا الشيء لكن في النهاية سوف تسقط بلا ريب جميع الأحزاب إن شاء الله.
  6. دور الجهاد الأفغاني في سقوط الشيوعية

     المرفق    
    السؤال: ما هو دور الجهاد الأفغاني في انهيار الشيوعية؟
    الجواب: ليس هناك شك في أن الجهاد الأفغاني كان له تأثيره المباشر في عملية إعادة البناء، ولا أقول انهيار الشيوعية بإطلاق فيفهم أنها انهارت بسببه؛ لأنني قلت: إن المسألة فيها نوع من التغيير ونوع من المكر الجديد، لكن لا يوجد شك في أن الجهاد الأفغاني الإسلامي كان له أثر واضح، وكان له من الآثار ما أقر به الجميع ومنهم الروس ومنهم الغرب، لكن لا يصح لنا أن نقول: إنه مجرد أن انسحبت روسيا من أفغانستان تغيرت الشيوعية فهذا ليس صحيحاً، لكن انسحابها من أفغانستان هو جزء من إعادة البناء، فالجهاد الإسلامي عجل فيه وأثر فيه بلا شك، وكان من الأسباب التي جعلتهم يدرسون الموضوع بدقة أكثر.
    وأنا بهذه المناسبة أذكر شيئاً عن اللعبة الدولية وهو: أنها إذا أريد لها أن فإنها تتم، تتم بأساليب ذكية وخفية، وقد كان غورباتشوف يريد أن يغير كل الجهاز العسكري الأعلى في الدولة، حتى يستطيع أن يسيطر ولا يبقى له منافس، فماذا عمل؟
    دبرت له حادثة سمعناها جميعاً وضحكنا لها وفوتناها جميعاً، ولم نحللها لأنها لا تحلل.
    شاب ألماني ركب طائرة هوائية صغيرة، وأخذ عشيقته في الطائرة، وأقلعوا من ألمانيا ومشوا على مسافة قريبة من الأرض، واخترقوا الاتحاد السوفييتي ونزلوا في الساحة الحمراء في موسكو -سبحان الله- اندهش العالم كله حتى أمريكا، كيف هذا الشاب يعمل هذا الشيء وبطائرة شراعية، وعشيقته معه، حتى يقولوا في العالم الإسلامي: أكيد أن هذا صاحب حب، وليس برجل مخابرات مدرب، ولا هي امرأة استخبارات مدربة، إنما هي حكاية عشق وحب هكذا، ويخترق الحدود جميعاً والرادارات الضخمة، وأين ينـزل؟
    في الساحة الحمراء! أي: أن جورباتشوف ينظر من الشباك فيرى الطائرة في الأسفل، ما هذه السخافات.
    ثم يحصل التمثيل الواضح وهو : أن ينفعل غورباتشوف ويصدر قرار إقالة وزير الدفاع، وإقالة القائد العام للطيران، وإقالة القائد العام للدفاع الجوي، فهل تستحقون أن تكونوا وزراء وهذه الطائرة الشراعية قد فعلت كل هذا! فقضى عليهم وتفرد بالسلطة.
    فنقول: إن هناك أحداثاً تكون كالقشة ولكنها تقسم ظهر البعير -كما يقال- أي: إن الأمر مبيت من قبل، ولكن تأتي أحداث تدفعه أكثر وتؤثر فيه وتوجهه، أو تُستغل وتوضع كأنها السبب الأساسي، والسبب ليس هذا.
    ومع ذلك فالحمد لله أن الجهاد الأفغاني -بغض النظر عن الروس- أثر في الأمة الإسلامية الخاملة المريضة التي ما كانت تعرفه تقريباً؛ وقد عرفته ولكن بشكل مغمور.
    وكان عندنا أحمد الشقيري يلبس البدلة الشيوعية وهي نفس بدلة ماو بالضبط، كان يراد ألا تكون هناك أي حركة جهادية في العالم الإسلامي إلا أن تكون حركة شيوعية اشتراكية، ولكن الحمد لله أثبت المسلمون بالجهاد الأفغاني والأرتيري والفليبيني أنه يمكن أن يوجد جهاد حقيقي، ويقاوم أقوى وأعتى الدول، وأن الحل هو الجهاد وليس هذه الأحداث الثورية.
  7. مقولة المادة لا تفنى ولا تستحدث

     المرفق    
    السؤال: هل هذا القول صحيح ''المادة لا تفنى ولا تستحدث'' مع العلم أن هذا هو الذي ندرسه في مادة الكيمياء، يقول: هل هذه القاعدة هي من أسباب انهيار الشيوعية في المجال الفكري وفي المجال الفلسفي؟
    الجواب: نحن المسلمون نعرف أن هذا خطأ، أي أن هذا الكلام خطأ إن كان يقصد به أن هذا الكون قديم لا أول له، وباق لا آخر له من غير رب، أما لو فسرت العبارة بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خلق الكون وجعل المادة تتغير من حال إلى حال ولا تنتهي، ولكن هو الخالق وهو الذي يقلبها ويسيرها، لو فسرت على هذا القول يكون الخلاف فقط في الأولية.
    أما النهاية فنحن نعلم أن أهل الجنة خالدون فيها أبداً لا نهاية لوجودهم، فالجنة لا تفنى، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يفنى ((كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ))[القصص:88] فمع ذلك نقول: بقاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليس كبقاء الجنة، أي أن بقاء الجنة ليس كبقاء الله، لأن بقاء الله ذاتي منه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أما بقاء الجنة فهو بإبقاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لها.
    ونحن نعتقد -أهل السنة والجماعة- أن السماوات والأرض هذه لن تعدم عدماً كاملاً مطلقاً ثم تخلق من جديد، وقد أوضحنا هذا من قبل، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة أنها تبدل، والإنسان يفنى ويبقى منه عجب الذنب، ثم يركب منه خلق آخر، كذلك السماوات والأرض لا تفنى بالكلية وإنما تبدل: ((يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ))[إبراهيم:48].
    فهم يقولون: إنها لا تفنى، ولكنها تتحول من نسب كمية إلى نسب كيفية أو العكس، فهو كلام قد يكون فيه شيء من الصحة، لكن إذا فسر بمعنى يخالف الكتاب والسنة فهو مرفوض مرجوع، أما من الناحية العلمية البحتة فلا شك أن مثل هذه النظرية كانت من أسباب هدم المبدأ الشيوعي من الناحية الفلسفية.
  8. القراءة في كتب الشيوعية

     المرفق    
    السؤال: يقول الأخ: ماذا تقولون لمن يقرأ عن الشيوعية وليس لديه ركيزة إيمانية في التوحيد؟
    الجواب: الأصل أنه لا يوجد خوف، ومع ذلك نقول: لا يقرأ عن الشيوعية إلا من هو مؤهل في القراءة عنها، لكن نخاف على أحد أن يلحد إذا قرأ كتاباً شيوعياً، فهذا غريب وإن كان قد يقع، ونحن إذا قرأنا أو سمعنا أن الرجل زار الفاتيكان واحتفل بمرور ألف عام على الكنيسة، فهل يترك المسلم دينه لهذا الخبر؟!
    وإذا عادوا هم للثالوثية الصليبية التي وضعها لهم بولس وزورها عليهم، فهل نترك نحن ديننا دين إبراهيم ودين الحنيفية لأجل ذلك؟
    هذا لا يمكن أن يقع من مسلم، لكن يفضل ألا يقرأ أحد هذه الكتب إلا من كان أهلاً لذلك.
  9. بشائر هذا الدين

     المرفق    
    السؤال: الأخ يقول: أخفتني يا شيخ، فهل من بشائر لهذا الدين؟
    الجواب: بالعكس أنا قلت: سنفتح روما كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -بإذن الله- ففي الحديث أن أحد التابعين سأل عبد الله بن عمرو أي المدينين تفتح أولاً؟
    قال عبد الله بن عمرو مدينة هرقل تفتح أولاً، فـمدينة هرقل فتحت وبقيت مدينة روميا وستفتح -بإذن الله- وسيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، ولا شك أن المستقبل للإسلام بإذن الله.
    ولو لم يكن فيها إلا الملحمة الأخيرة، وقد أثبت فيها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أننا سوف نغلب الروم وسوف نهزمهم، عندما ينقسم المسلمون ثلاثة أقسام: ثلث ينهزمون فهم من شر خلق الله حينئذ، وثلث يقتلون فهم من خير الشهداء عند الله، وثلث ينتصرون، فهذا أيضاً موجود في آخر الزمان.
    وإذا جاء عيسى عليه السلام فإنه يضع الجزية، أي: ينسخ حكم الجزية، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير ولا يقبل إلا الإسلام أو السيف، فسوف يدين العالم بأكمله بدين الإسلام -بإذن الله- والبشائر كثيرة، فلا نخاف.
    فهناك فرق بين أن نخاف فلا نأمل، وبين أن يوجد عدو قائم ولا أحد يحذرنا منه، كما قلت: من أين نجد التحليل الحقيقي لما يدور في الغرب، لا نجده، بل يتكلم عن العملية هذه وغيرها من الأحداث على أنها تغييرات وعبور وأشياء شخصية، ويُعلق عليها تعليقاً عادياً مثل أي كلام، لكن لو وعت الأمة الإسلامية خطورة الوضع وعرفت حقيقته، فهذا لا يميتها ولكن هذا يستنهض الهمم، حتى لا نتولى فيستبدل قوماً غيرنا، فنكون كما قال تعالى: ((مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ))[المائدة:54]، وبإذن الله سننتصر وقد مرت الأحاديث في نصرة الطائفة المنصورة.
  10. مضمون كتاب المستقبل لهذا الدين

     المرفق    
    السؤال: عن كتاب المستقبل لهذا الدين لـسيد قطب رحمه الله؟
    الجواب: بالنسبة للشيخ سيد قطب رحمه الله، فإنه نقد كلام "رسل" في أن المستقبل للشيوعية، وذكر في كتابه المستقبل لهذا الدين، أن الشيوعية هي المؤهل لأن تسيطر كفكرة بشرية مادية غربية، وبعد أن تسيطر يأتي الإسلام ويتفوق عليها ويلغيها فتكون العاقبة للإسلام، لكن رسل يرى أن الغرب هو المواجه، والإسلام غير وارد في ذهنه أصلاً، ويرى أن الذي سيسيطر في النهاية هي الشيوعية أو أي مبدأ آخر كما يراه.
  11. المقصود بالصراع بين الطبقات عند الشيوعية

     المرفق    
    السؤال: ما المقصود بالصراع بين الطبقات عند الشيوعية؟
    الجواب: كلمة (الطبقة) عند الشيوعيين اختلفوا فيها، وإلى الآن لم يتفق الشيوعيون على معنى محدد لكلمة "طبقة" لكن نحن نستطيع تقريباً أن نقول: أصحاب المصانع طبقة، العمال طبقة، فهذا أوضح شيء، فالصراع بينهما حتمي، فـالشيوعية لا تقول: الصراع ممكن، بل تجعله حتمياً، ومن الصراع بينهما تنشأ القوة الثالثة، تطبيقاً للنظرية الجدلية التي هي الديالكتيك أو الجدلية، ويمكن الآن ألا تجد جريدة يومية إلا وتقول من منظور جدلي، ومن مفهوم جدلي، هذه هي نظرية هيجل التي أخذها كارل ماركس أن الأشياء تحمل نقيضها في ذاتها.
    إذاً نبسط المسألة فنقول: عندنا عمال في بريطانياً -مثلاً- وعندنا أصحاب العمل -مثلاً- فلابد أن يتصارع العمال وأصحاب العمل ويثوروا، النهاية تخرج قوة البروليتاريا أو الحكومة العمالية حيث تكون الملكية مشاعة للجميع، لا العمال يملكون ولا الشركة تملك، وإنما لكل حسب جهده وحسب طاقته وحاجته، فهذه الشيوعية خيالية.
    والواقع: أنه في بريطانيا -كما قلنا- لم تنجح فيها الشيوعية فأصحاب العمل تنبهوا إلى خطر ثورة العمال فقاموا وقالوا: لكل عامل من العمال الحق في أن يكون له أسهم في الشركة.
    على سبيل المثال: يوجد بنك رأس ماله عشرة ملايين دولار يعمل فيه عدد كبير من العمال، وأيضاً هناك عمال يشتغلون في السيارات في الورش، لكن لو نجحت الاشتراكية فيهم لثاروا على البنك، خاصة إذا قال لهم الشيوعيين: خذوا مليوناً، أو كل واحد يؤمل أن تكون العشرة مليون دولار في جيبه، كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يحسر الفرات عن جبل من ذهب في آخر الزمان، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون كل يظن أن الجبل له}.
    فكيف يتخلص البنك من هذه العملية؟
    قام بوضع حوالي (50%) مثلاً أسهم، فيشترك الناس كلهم العمال والموظفون وغيرهم ويكون لهم أسهم في البنك، فلن يأتوا بعد ذلك إلى البنك، فقد أصبح البنك كله للناس، ولو كان ما تملكه عشرة ريال، فإنك تقول: دع البنك يبقى من أجل العشرة التي لي، فانتبه الاشتراكيون لمثل هذا الشيء، وشركات السيارات الضخمة انتبهت لهذه النقطة أيضاً، وعمال السيارات يقولون: من حقك أن توظف دخلك ليكون لك أسهماً في الشركة، فساهم في الشركة واتفق مع صاحب العمل، أو يأتي صاحب العمل ويقول للعمال: كل عشرين عامل ينتخبوا عاملاً، ونعقد مجلس شورى يتكون من رؤساء العمال، وهذا العامل هو في الأصل مندس بينهم، فيصير مجلس الإدارة مرتب على هوى رئيس الشركة، والعمال يقولون هذا جيد!
    فإذا أتى الشيوعي وقال: يا رجعيين، يا إمبرياليين، يا برجوازيين، ثوروا، فسيقولون: على من؟!
    هذا لي وأنا مرتاح له! أيضاً الشركات أصبحت تعطي سكناً صحياً، تعطي تأميناً اجتماعياً للإصابات، وللأضرار، فيقول لك الناس: لماذا تريد أن نكون شيوعيين؟!
    فنظرية ماركس لم تعد حتمية، لأن الواحد بعقله على الأقل في ظاهر الأمر أنه لا يوجد داعٍ لأن يثور، ولا حتمية، وهذا كله كلام لا فائدة منه.
  12. نصيحة للدعاة إلى الشيوعية

     المرفق    
    السؤال: أرجو أن توجه كلمة إلى أناس من بني جلدتنا يتكلمون بلغتنا ولا يزالون يتبنون الشيوعية ويتمسكون بها، ويصفون من حاد عنها بالمرتدين؟
    الجواب: نحن قرأنا جرائدهم، وبعضها قرأناها سوية في أحد الأيام، يقولون: كيف تخرج طالبات الثانويات يطالبن بالحجاب؟!
    وكيف وكيف؟!
    والأحزاب المنشقة يقولون: مرتدة مرتدة، مرتدة على ماذا؟!
    مرتدة على الشيوعية الحرفية اللينية الماركسية، هذه ردة عندهم! فكيف نوجه لهم:
    لقد أسمعت لو ناديت حياً              ولكن لا حياة لمن تنادي
    لا نوجه لهم إلا أن نقول لهم: اتقوا الله وعودوا إلى الله، لكن الذي يهمنا حقيقة هو أن نوجه الكلام لكم أنتم يا جنود الله الذين سيرغمون هؤلاء على الحق، أما الأذناب فيظلون أذناباً، وأضعف الإيمان أن يهتدي أولئك الأذناب، فإن الأسياد تركوا وهم ما تركوا، فليس لنا إلا أن نقول لهم: اتقوا الله، وتوبوا إلى الله، هذا كلام نقوله لأن الله تبارك وتعالى أمرنا به، فقط إقامة للحجة، ومعذرة إلى الله، وإلا فهم من أبعد الناس عياذاً بالله عن الرجوع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهم كأفراد قد يهتدي بعضهم، أما ككيان لا يرجع إلا إذا أرغمهم الأسياد، ونحن لا نريدهم أن يفعلوا ذلك، بل نريد أن نكون نحن الذين نرغمهم -بإذن الله- بالعقيدة الصحيحة، وبالعلم الصحيح وبالجهاد الإسلامي الحق المستجمع لجميع شروط الجهاد، والذي يسير وفق المنهجية المرحلية التي تسير بها الدعوة الإسلامية بلا ارتجال ولا عشوائية.
  13. خطر الطلبة المبتعثين

     المرفق    
    السؤال: هل يشكل الطلبة المبتعثون إلى الغرب خطراً على بلادهم عند رجوعهم إليها؟
    الجواب: الاشتراكية والفكر الشيوعي دخلت كل بلد، والطلبة المبتعثون في الغرب من جميع البلاد يوجد بينهم أحزاب أو منظمات متأثرة بـالشيوعية، لكن ليس لهم أي قيمة، ولا يشكلون أي خطر -بإذن الله- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  14. البديل للشيوعية ومقاومتها

     المرفق    
    السؤال: بعد انهيار الشيوعية والنظام الاقتصادي القائم، فماذا تتوقعون البديل، كما أنه ظهرت مدارس فكرية وأدبية منحوتة شقيت بها الإنسانية كـالوجودية وغيرها، فماذا للرأسمالية؟
    الجواب: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو العالم، لكن نحن نرى في الجملة أن الوجودية سقطت كما أن الاشتراكية سقطت، والأفكار الشرقية والغربية لم تعد تكفِ الإنسان أبداً، فيظل الغرب يتميز ويتفوق علينا بشيء واحد وهو القوة العسكرية، لأننا كما هو الظاهر الآن والعلم عند الله كم من القرون ستمضي حتى نستطيع أن نكون مثلهم؟
    مع العلم أن لدينا القوة العظمى التي يفتقدونها، لا شك في ذلك.
    لكن نقول: إن تفوق الغرب ينحصر في قوته العسكرية وقوته المالية والاقتصادية، أما النواحي الفكرية فقد أفلست تماماً، حتى الوجودية أفلست وغيرها ولم يبق إلا فتات وهراء، وهذه فرصة عظمى لنشر الإسلام، لكن لا يعني ذلك أن نشتت جهودنا لهداية أفراد أو آحاد من الغرب، ليس هذا هو المقصود.
    لكن نقول: إن الغرب إذا أفلس مهما كان قوياً عسكرياً، إذا كنا على عقيدة صحيحة على الكتاب والسنة، وعلى الدين الذي لا يقبل الله تعالى سواه، وعلى مذهب أهل السنة والجماعة، ومنهاج الفرقة الناجية، وأقمنا الإسلام هنا في بلاد الإسلام، فعند المواجهة مع الغرب -بإذن الله- سوف يذعن الغرب ويركع ويخر للحق -بإذن الله- وسيدخل منهم من يدخل في الإسلام.
    كما تعلمون في معركة اليرموك أن العدو هو العدو، والروم هم الروم، جورجيف الذي كان من قواد الروم أسلم وبين للمسلمين عورات الصليبيين وانتصروا -بإذن الله- وهكذا عندما يصبح المسلمون قوة سوف يسلم الغرب جماعياً، ومنهم من يكون طوعياً ومنهم من يكون مكرهاً، والمشكلة -والله أعلم- في تحليلي أنها ستبقى مشكلة التفوق في النظام، التفوق في القوة، والتفوق في الاقتصاد، ونحن مازلنا كما ترون عالة عليه، والأدهى أن الإعالة قد تكون في الحالة الفكرية، يعني أننا لم نتحرر فكرياً بعد.
    وبهذه المناسبة نقول: إن التحرر من الغرب ليس صعباً، لكن لا يطيقه إلا أصحاب العقائد القوية، كانت المعركة بين فيتنام الشمالية، وفيتنام الجنوبية، وكما تعلمون أن الأمريكيين كانوا يحكمون فيتنام الجنوبية وكانت أقوى الطائرات وأحدث الطائرات الأمريكية تضرب الفيتناميين الشماليين، فماذا حصل؟
    كان الشيوعيون الفيتناميون الشماليون يتحدون الغرب وعندهم مبدأ وعقيدة، فأنشئوا الجامعات تحت الأشجار، وأنشئوا الورش تحت الأرض، وطوروا أنفسهم واستمروا يقاومون الأمريكان ويعملون، وفي النهاية يحتلون فيتنام الجنوبية.
    وغيرهم كثير مثل الصين الوطنية، وكوريا الشمالية والآن أمريكا منزعجة جداً من قوة كوريا الشمالية لأنها مقبلة على التصنيع، أي أن التحرر من الغرب ممكن، ولكن المهم وجود الإرادة، وهل هناك إرادة أقوى من إرادة المسلم صاحب العقيدة الصحيحة، لا يوجد أبداً، الذي يعرف أن هؤلاء كفار وأنه لا يجوز موالاتهم، وأنه يجب جهادهم، وأنه يجب الاستغناء عنهم، فهذه تعطي المسلم إرادة، ولو عصبنا الحجارة على بطوننا على ألا نشتري منهم شيئاً حتى ننتج بأنفسنا لفعلنا ذلك، ونحتسب ذلك عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإن كنا نألم فإنهم يألمون كما نألم كما ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ ونرجو من الله ما لا يرجون.
  15. أصل غورباتشوف

     المرفق    
    السؤال: ذكر الشيخ أبو بكر الجزائري في إحدى محاضراته أن غورباتشوف مسلم وأمه مسلمة وهو من أصل تركي؟
    الجواب: لا أدري والله، إذا كان قال الشيخ ذلك فلابد أنه استند على شيء، لكن أنا ما عندي علم في ذلك، لكن على أي حال لا يهمنا، أما أن كل مولود يولد على الفطرة فهذا صحيح، لكن غورباتشوف الآن سيكشفه الزمن.
  16. ماذا عن الترف

     المرفق    
    السؤال: يقول الأخ: موضوع الترفيه؟
    الجواب: نسأل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنا وعنكم موجبات غضبه وانتقامه، ((وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً))[الإسراء:16] كنا في الماضي ننتظر متى يأتي موسم الحج ونفرح بقدوم الحجاج، هذا يخدمهم، وهذا يحمل لهم المتاع، وهذا يعمل عندهم، وهذا يطبخ لهم، المهم كان دخلنا هو هذا الشيء، أن نخدم عباد الله لنقتات، وكنا محافظين على أصالتنا وعلى عقيدتنا وعلى الكثير من الخلال الحميدة التي كانت فينا وهذا حق.
    فلما أغنانا الله ووسع علينا وبنينا البنيان العالية وجاءت الطفرة وإذا بنا نرى الألعاب في مدن الكفر ونريد أن نقيم مثلها هنا، هذا -والله- إنه نذير شر وشؤم، هذا هو الترف، وهذا هو داء الأمم، ليس هذا ترفيهاً والله، نحن ما عدنا من جبهات القتال حتى نقول: نتنزه على البحر يوماً أو يومين، بل على العكس نأتي من سهرات على التلفزيون أو الفيديو أو في الليل نسهر على البحر، ما الفرق، هنا سهرة وهنا سهرة!
    وأعمالنا الإدارية! نحن نعرف ماذا نعمل في الإدارات، نقرأ الجرائد ونشرب الشاي، إلا من رحم ربك، وأعمالنا الدراسية معروف الآن ماذا نَدرس وماذا نُدرس، فلابد أن ننظر فنحن أمامنا أهوالاً عظيمة.
    ووالله لو أن الإنسان تفكر في مصيره ومآله واعتبر فيما يرى، واعتبر حتى بهذا البحر الذي أمامنا، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أغرق به أمماً أعظم منا.
    أغرق الله تبارك وتعالى قوم نوح وهم أعظم منا.
    وأغرق الله فيه قوم فرعون الذي حضارتهم أعظم من الحضارة الحالية الآن في كثير من الأمور لم يصلوا إلى مثل ما أنتج فرعون، وذكر الله تبارك وتعالى ذلك لنا في القرآن.
    كل ذلك بسبب الفساد يقول الله تبارك وتعالى: ((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ))[الفجر:6-14] وقال: ((وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ))[هود:83].
    نعوذ بالله من غضب الله، عذاب الله ما هو ببعيد أبداً إذا أراده، فإنه إذا أراد شيئاً فإنما يقول له: كن فيكون، فكيف ندفع عذاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟
    ندفعه بتقوى الله، وندفع الأعداء بالتقوى والصبر، وندفع عذاب الله القدري الكوني بالتقوى والإيمان، وبالدعوة والضراعة إلى الله، وبالإنابة، أما الطغيان والترف واللهو واللعب فهذا شيء ما خلقنا له: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))[آل عمران:110]، ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا))[فاطر:32].
    يا سبحان الله! نحن الذين أورثنا الله الكتاب واصطفانا، ونريد أن نكون كالذين أوتوا الكتاب، يكون في بلادنا تعرٍ، وانحلال، وتفسخ، وترفيه -كما يسمى- ألهذا خلقنا؟!
    أهذه رسالتنا إلى العالم؟!
    يأتينا هذا الغربي الكافر الذي لا يجوز أن يطأ بلاد الإسلام والطهارة، فبدل أن نقول: قد جاء فلابد أن ندعوه ونهديه، إلى الإسلام فيأتي ويجد البلاد مثل بلادهم، والتعري مثل التعري عندهم، ولا يشعر بالغربة أو يحس بأنه فقد شيئاً!
    والله اليوم وأنا آت من مكة قابلني إنسان -عامل بسيط كنت أريد أن يصلح لي شيئاً في البيت- فقال لي: أنا اشتغلت في الدمام وفي جدة، فقال: ما هذا الذي في جدة، شيء عجيب! ذهبنا إلى البحر في يوم الجمعة، وكله فساد، كله مثل الهنود ومثل عباد البقر، أين الدين أين الإيمان؟!!
    والله لقد وعظني موعظة عظيمة تحز في نفسي، وهو ما يعرف شيئاً ولا يعرف أن يقرأ الفاتحة!
    نحن بهذا نرضي الكفار ونغضب الله أولاً، ونغضب المؤمنين الذين يرون هذه المناظر، نحن تبلدت قلوبنا ومشاعرنا وأحاسيسنا، ونعوذ بالله أن يعمنا الله بعقاب من عنده، ونبرأ إلى الله من كل معصية له، حتى إن متنا فيبعثنا الله عز وجل ونحن على هذه النية، وإن قدر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لهم السلامة ولنا فنكون قد عملنا الواجب علينا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعافينا دائماً، فنحن والله ننكر هذا كل الإنكار، ولا يجوز لواحد منا وأنتم والحمد لله فيكم المسئولون ومن له شأن ودور وتوجيه، لا يجوز لأحد منا يستطيع أن ينكر هذا الأمر إلا وينكره بما يستطيع في أسرته، وفي عمله، وفي مدرسته، وبيده إن كان من أهل الولاية، ونتعاون على البر والتقوى كما أمر الله تبارك وتعالى.
    وختاماً: أسأل الله تبارك وتعالى لي ولكم التوفيق والسداد، وأن ينفعنا بما نسمع وبما نقول، وأن يحيينا على هذا الدين القويم ويبعثنا عليه، إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين.